هو خبيب بن عدي بن مالك بن عامر بن مجدعة بن جحجبي بن عوف الأنصاري الأوسي.
شهد بدرا وقتل بها الحارث بن عامر، وبعد أحد بعثه النبي صلى الله عليه وسلم مع عشرة من الصحابة إلى قبيلتي عضل والقارة، ليعلموا أهلها الإسلام، فسمع بهم الكفار فحاصروهم وقتلوا منهم ثمانية، وأعطوا خبيبا وزيد بن الدثنة الأمان، فاستسلما، لكنهم باعوهما في سوق الرقيق، واشترى أبناء الحارث بن عامر خبيبا، فلبث خبيب عندهم أسيرا حتى قرروا صلبه، فطلب من إحدى بنات الحارث موسى يستحد بها للقتل (أي يحلق بها شعر عانته) بعثت له الموسى مع أحد الغلمان،
تقول: فوالله ما هو هو إلا أن ولى الغلام بها إليه حتى قلت: ماذا صنعت؟! أصاب والله الرجل ثأره بقتل هذا الغلام، فيكون رجلا برجل. فنظرت المرأة فوجدت خبيبا مجلسه على فخذه والموسى بيده، ففزعت، فقال خبيب: أتحسبين أني أقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك، قالت: والله ما رأيت أسيرا خيرا من خبيب، والله لقد وجدته يوما يأكل قطفا من عنب في يده، وإنه لموثق في الحديد، وما بمكة تمرة!
ولما علم باجتماع القوم لقتله قال شعرا منه:
فلست أبالي حين أقتل مسلما على أي جنب كان في الله مصرعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ يبارك على أوصال شلو ممزع
(الشلو: بقية الجسد، ممزع: مقطع)
فلما خرجوا به ليقتلوه قال لهم خبيب: دعوني أركع ركعتين، فركع ركعتين أتمهما وأحسنهما، ثم أقبل على القوم فقال: أما والله لولا أن تظنوا أني إنما طولت جزعا من القتل لاستكثرت من الصلاة، فكان خبيب بن عدي أول من صلى الركعتين قبل القتل.
ثم صلبوه، فلما أوثقوه قال: اللهم إنا قد بلغنا رسالة رسولك فبلغه الغداة ما يصنع بنا، ثم قال: اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا (أي واحدا واحدا) ا تغادر منهم أحدا.
ثم قام إليه أبو سروعة عقبة بن الحارث فقتله.
وأخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بخبر خبيب، فبعث المقداد بن عمرو والزبير بن العوام لينزلاه من الخشبة التي صلب عليها، فأنزلاه فابتلعته الأرض، فلا يعرف مكان قبره. وتعرف الحادثة التي قتل فيها خبيب وأصحابه بحادثة يوم الرجيع.